يعتبر كتاب الميزان في تفسير القرآن من أهم وأوسع التفاسير القرآنية التي ألفها علماء الشيعة الإمامية، وقد ألفه العلامة محمد حسين الطباطبائي (1321 – 1402 هـ) في عشرين مجلداً، بدأ في تأليفه سنة 1374 هـ، وأنهاه في ليلة القدر سنة 1392 هـ.
أستاذ العلامة الطباطبائي في السير و السلوك و العرفان
لقد تتلمذ العلامة الطباطبائي المعارف الإلهيّة و الأخلاق و فقه الحديث عند آية الحق والعارف الذي لا بديل له : سماحة آية الله الحاجّ السيّد علي القاضي الطباطبائي قدس سره، و قد تربّى على يدي هذا الاستاذ الكامل في السير و السلوك و المجاهدات النفسانيّة و الرياضات الشرعيّة.
تفسير الميزان والمنهج التفسيري للعلامة الطباطبائي
امّا المنهج التفسيريّ عند العلّامة الطباطبائيّ قدّس سرّه، فقد كان طبقا للأسلوب التفسيريّ لأستاذه في العرفان و العلوم الباطنيّة الإلهيّة: المرحوم آية الله الحاجّ الميرزا علي القاضي، و هو تفسير الآيات بالآيات، وذلك طبقاً للروايات الموجودة عندنا و التي تقول: إنَّ القُرْآنَ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضَاً
. وقد تجلى ذلك بأبهى صورة في تفسيره القيّم: الميزان في تفسير القرآن. ويبين تفسير الميزان العديد من المسائل الدقيقة و الحسّاسة، و يقف مقابل مغالطات المعاندين، و يتميّز بالجامعيّة.
يقول العلامة الطهراني في كتاب الشمس الساطعة عن تفسير الميزان:
في هذا التفسير، جمع بين المعاني الظاهريّة و الباطنيّة للقرآن، و بين العقل و النقل، و أعطى كلّ شيء حظّه.
إن هذا التفسير من الروعة و الجمال و البهاء بقدر يمكن معه تعريفه للعالم كسند لعقائد الإسلام و الشيعة، و يمكن إرساله إلى جميع المدارس و المذاهب؛ و دعوتهم على أساسه إلى دين الإسلام و مذهب التشيّع. كما أنّه قد قام بنفسه بإنجاز هذا الأمر الهامّ، و انتشر «الميزان» في العالم و وصل إلى قلب فرنسا و أمريكا، و أرسلت الأعداد الكثيرة منه إلى البلاد الإسلاميّة، و اجريت التحقيقات حوله، و أدّى إلى فخر الشيعة و مباهاتهم و رفعتهم في المحافل العلميّة….
و حقّاً يمكن القول: إنَّه لم يؤلّف تفسير مثله منذ صدر الإسلام حتّى اليوم.
أهمية تفسير الميزان
يتميز تفسير الميزان بأهمية كبيرة، فهو يجمع بين التفسير التحليلي والتفسير الموضوعي، ويعتمد على أصول علمية متينة، كما أنه يتميز بسعة اطلاع العلامة الطباطبائي على مختلف العلوم والمعارف، سواء الإسلامية أو الإنسانية.
منهج تفسير الميزان
يعتمد تفسير الميزان على منهج تفسير القرآن بالقرآن، وهو المنهج الذي يعتمد على تفسير الآية القرآنية بغيرها من الآيات القرآنية، وذلك من أجل الوصول إلى المعنى المقصود من الآية. كما يعتمد التفسير على منهج تفسير القرآن بالسنة، وذلك من خلال التحقق من صحة الروايات الواردة في التفسير، ومناقشتها، وبيان مدى ارتباطها بالمعنى المراد من الآية.
مميزات تفسير الميزان
يتميز تفسير الميزان بالعديد من المميزات، منها:
* سعة اطلاع العلامة الطباطبائي على مختلف العلوم والمعارف، سواء الإسلامية أو الإنسانية، مما أتاح له تفسير القرآن الكريم من زوايا مختلفة.
* اعتماد التفسير على منهج تفسير القرآن بالقرآن، وهو المنهج الذي يعتمد على تفسير الآية القرآنية بغيرها من الآيات القرآنية، مما أدى إلى دقة التفسير وخلوه من التأويلات الباطلة.
* اعتماد التفسير على منهج تفسير القرآن بالسنة، وذلك من خلال التحقق من صحة الروايات الواردة في التفسير، ومناقشتها، وبيان مدى ارتباطها بالمعنى المراد من الآية.
* اهتمام التفسير بالجانب الموضوعي، وذلك من خلال تحليل الآيات القرآنية التي تتناول موضوعاً واحداً، مما أدى إلى الكشف عن الدلالات العميقة للقرآن الكريم.
لمزيد من الاطلاع راجع كتاب (الشمس الساطعة – رسالة في ذكرى العالم الرباني العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي التبريزي) لمؤلفه العلامة الطهراني قدس سره، و الذي يعتبر من أبرز تلاميذ العلامة الطباطبائي و أقدمهم.
مواضيع تفسير الميزان
يتناول تفسير الميزان جميع المواضيع التي تناولتها آيات القرآن الكريم، سواء كانت موضوعات إيمانية أو أخلاقية أو اجتماعية أو تاريخية أو علمية.
أجزاء تفسير الميزان
يتكون تفسير الميزان من عشرين مجلد، وفيما يلي قائمة بجميع المجلدات مع رابط (لينك) إلى كل واحد منها :
الميزان في تفسير القرآن – ج1 – الجزء الأول
الجزء الأول من تفسير الميزان، وهو يحتوي على مقدمة الكتاب التي أوضح فيها المؤلف منهجه في التفسير، و تفسير سورة الفاتحة، و سورة البقرة إلى الآية 182 منها
الميزان في تفسير القرآن – ج2 – الجزء الثاني
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تتمة تفسير سورة البقرة من الآيات 183 إلى آخر السورة
الميزان في تفسير القرآن – ج3 – الجزء الثالث
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير سورة آل عمران من البداية وحتى الآية 120
الميزان في تفسير القرآن – ج4 – الجزء الرابع
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تتمة تفسير سورة آل عمران، و تفسير سورة النساء إلى الآية 76
الميزان في تفسير القرآن – ج5 – الجزء الخامس
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تتمة تفسير سورة النساء، وتفسير سورة المائدة إلى الآية 54
الميزان في تفسير القرآن – ج6 – الجزء السادس
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تتمة تفسير سورة المائدة.
الميزان في تفسير القرآن – ج7 – الجزء السابع
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير سورة الأنعام كاملة
الميزان في تفسير القرآن – ج8 – الجزء الثامن
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير سورة الأعراف كاملة
الميزان في تفسير القرآن – ج9 – الجزء التاسع
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير سورتي الأنفال و التوبة
الميزان في تفسير القرآن – ج10 – الجزء العاشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير سورة يونس كاملة و سورة هود إلى الآية 99
الميزان في تفسير القرآن – ج11 – الجزء الحادي عشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تتمة تفسير سورة هود، بالإضافة إلى سورتي يوسف و الرعد
الميزان في تفسير القرآن – ج12 – الجزء الثاني عشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير السور التالية: إبراهيم، و الحجر ، و النحل
الميزان في تفسير القرآن – ج13 – الجزء الثالث عشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير السور التالية: الإسراء، و الكهف
الميزان في تفسير القرآن – ج14 – الجزء الرابع عشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير السور التالية: مريم، طه، الأنبياء، الحج
الميزان في تفسير القرآن – ج15 – الجزء الخامس عشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير السور التالية: المؤمنون، النور، الفرقان، الشعراء، النمل
الميزان في تفسير القرآن – ج16 – الجزء السادس عشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير السور التالية: القصص، العنكبوت، الروم، لقمان، السجدة، الأحزاب، سبأ
الميزان في تفسير القرآن – ج17 – الجزء السابع عشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير السور التالية: فاطر، يس، الصافات، ص، الزمر، المؤمن (غافر)، حم السجدة
الميزان في تفسير القرآن – ج18 – الجزء الثامن عشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير السور التالية: الشورى، الزخرف، الدخان، الجاثية، الأحقاف، محمد، الفتح، الحجرات، ق، الذاريات
الميزان في تفسير القرآن – ج19 – الجزء التاسع عشر
تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير السور التالية: من الطور إلى الحاقة
الميزان في تفسير القرآن – ج20 – الجزء العشرون
وهو الجزء الأخير من الكتاب، وقد تعرّض العلامة الطباطبائي في هذا الجزء إلى تفسير السور التالية: من سورة المعارج إلى سورة الناس
منهج التفسير الموضوعي في تفسير الميزان
يعتمد التفسير الموضوعي في تفسير الميزان على جمع الآيات القرآنية التي تتناول موضوعاً واحداً، ثم تحليلها وتفسيرها، وذلك من أجل الكشف عن الدلالات العميقة للقرآن الكريم.
أمثلة على تطبيق التفسير الموضوعي في تفسير الميزان
يمكن أن نذكر من الأمثلة على تطبيق التفسير الموضوعي في تفسير الميزان ما يلي:
* تفسير الآيات التي تتحدث عن التوحيد: حيث يجمع التفسير هذه الآيات، ثم يبحث في دلالات كل منها، ويقارن بينها، وذلك من أجل الكشف عن المعنى المقصود من التوحيد في القرآن الكريم. للمزيد راجع المقالة التالية :
حقيقة التوحيد في الكتاب والسنّة عند العلامة الطباطبائي – ونفي الوحدة العددية عن الله
* تفسير الآيات التي تتحدث عن العدل الإلهي: حيث يجمع التفسير هذه الآيات، ثم يبحث في دلالات كل منها، ويقارن بينها، وذلك من أجل الكشف عن المعنى المقصود من العدل الإلهي في القرآن الكريم.
* تفسير الآيات التي تتحدث عن المعاد: حيث يجمع التفسير هذه الآيات، ثم يبحث في دلالات كل منها، ويقارن بينها، وذلك من أجل الكشف عن المعنى المقصود من المعاد في القرآن الكريم.
خاتمة
يُعد تفسير الميزان من أهم وأوسع التفاسير القرآنية التي ألفها علماء الشيعة الإمامية، وهو يتميز بأهمية كبيرة، وسعة اطلاع العلامة الطباطبائي على مختلف العلوم والمعارف، واعتماده على منهج تفسير القرآن بالقرآن، ومنهج تفسير القرآن بالسنة، واهتمامه بالجانب الموضوعي.
المراجع و المصادر
لمزيد من الاطلاع حول الموضوع راجع :